الرئيسية
من طرف كوبا أمريكا " أعرق بطولة للمنتخبات في العالم"
كوبا أمريكا هي بلاشك البطولة الأعرق للمنتخبات في العالم، فقد انطلقت أولى نسختها في الثاني من تموز / يوليو عام 1916، وتتميز هذه البطولة بشئ هام جداً حيث إنها البطولة القارية الوحيدة التي انطلقت قبل تأسيس اتحاد كرة القدم في القارة التابعة لها البطولة، فقد تم تأسيس اتحاد كرة القدم في أمريكا الجنوبية المعروف باسم " CONMEBOL " ، في التاسع من تموز يوليو عام 1916 أي بعد انطلاق البطولة بسبعة أيام.
والملاحظ أن انطلاق البطولة لم يكن بدافع انشاء بطولة كروية لدول قارة أمريكا الجنوبية، وهو الدافع الذي من أجله انطلقت كل البطولات القارية مثل كأس الأمم الأفريقية وكأس الأمم الآسيوية والأوروبية، فقد نظمت البطولة بهدف احتفالي، حيث نظمتها الأرجنتين في الذكري المئوية لاستقلالها، وقامت بدعوة أعرق دول القارة الأمريكية في اللعبة وقتها وهي الأوروغواي والبرازيل وشيلي، وخلال اقامة أحداث البطولة تم إشهار اتحاد دول أمريكا الجنوبية لكرة القدم " CONMEBOL ".
وبذلك فإن دول أمريكا الجنوبية تدين للأرجنتين " بلاد التانغو" في انطلاق بطولة كرة القدم الأهم والأعرق في القارة وفي تأسيس اتحاد كرة القدم في القارة، وهو أيضاً بالمناسبة أعرق الاتحادات القارية ايضاً.
نعود إلى أحداث البطولة الأولى لنجد أن الأوروغواي استطاعت الفوز بلقبها بعدما أحرزت المركز الأول برصيد خمس نقاط، تلتها الأرجنتين في المركز الثاني برصيد أربع نقاط، ثم البرازيل في المركز الثالث برصيد نقطتين فشيلي في المركز الرابع والأخير برصيد نقطة واحدة.
وكانت هذه أحداث وأسباب انطلاق البطولة الأولى في مسابقة نظمت 40 مرة بعد ذلك، ولعل أكثر ما يلاحظه المتابع لبطولة كوبا أمريكا هو عدم انتظام الفارق الزمني بين كل بطولة وأخرى، فتارة تنظم البطولة كل سنة وتارة تنظم كل سنتين وفي بعض البطولات كان الفارق الزمني بين البطولة والأخرى ثلاث سنوات وأحياناً أربع، وأكبر فاصل زمني فصل بين بطولتين كان ثماني سنوات وكان ذلك بين البطولة التي نظمت عام 1967 التي استضافتها الأوروغواي وحصلت على لقبها أيضاً، وبين البطولة التي نظمت عام 1975 وحصلت بيرو ولم تقم هذه البطولة في دولة بعينها بل أقيمت بنظام الذهاب والإياب.
والطريف أن تاريخ البطولة شهد حدثاً فريداً من نوعه وهو أنها البطولة القارية الوحيدة التي نظمت مرتين في عام واحد، وكان ذلك عام 1959، حيث نظمت النسخة رقم 26 في مطلع عام 1959 واستضافتها الأرجنتين التي فازت بلقبها وأحرزت البرازيل المركز الثاني، أما البطولة الثانية في ذلك العام وهي النسخة رقم 27 فقد أقيمت في الفترة من 5 – كانون أول / ديسمبر عام 1959 وحتى 25 من الشهر نفسه، واستضافتها الإكوادور واستطاعت الأوروغواي أن تفوز بلقبها.
أحداث مهمة في تاريخ البطولة
بطولة بتاريخ وحجم كوبا أمريكا لابد أنها قد مرت بلحطات هامة وأحداث مفصلية أثرت عليها وطوّرت وغيّرت شكلها مرات عديدة حتى أصبحت بهذا الشكل الذي تقام عليه الآن.
ففي النسخة الثالثة عام 1919 التي نظمتها البرازيل تم لعب مباراة نهائية للمرة الأولى في تاريخ البطولة وكانت بين البرازيل والأوروغواي واستطاعت البرازيل أن تحصل على اللقب الأول في تاريخها بعدما فازت على الأوروغواي في المباراة النهائية بهدف دون مقابل، ورغم أن هذا كان النهائي الأول في تاريخ المسابقة إلا أن البطولة لم تكن بنظام المجموعات كما هو معتاد في البطولات التي تشهد مباريات نهائية، بل أقيمت وقتها دوري من دور واحد بمشاركة الأربع دول التي ساهمت في إطلاق النسخة الأولى وهي البرازيل وأورغواي وشيلي والأرجنتين.
وتجدر الإشارة إلى أنه في البطولة الخامسة عام 1921 اشتركت الباراغواي لأول مرة في تاريخها وإن استمر عدد الدول المشاركة متوقف عند الرقم أربعة حيث حلت الباراغواي محل شيلي التي اشتركت في أول أربع بطولات.
وشهدت البطولة الحادية عشرة عام 1927 انضمام ضيفين جديدين للمنافسات، حيث اشتركت كل من بوليفيا وبيرو للمرة الأولى، ورغم ذلك فقد استمر عدد الفرق المشاركة متوقف عند رقم 4 حيث غابت البرازيل والبارغواي وشيلي عن المشاركة، إلا أنه ورغم ذلك استمرت مشاركة الأوروغواي والأرجنتين وهما الدولتان اللتان لم تغيبان عن أحداث البطولة منذ انطلاق النسخة الأولى.
وشهدت البطولة الرابعة عشرة رقماً قياسياً في عدد الدول المشاركة حيث اشتركت في البطولة ستة منتخبات للمرة الأولى في تاريخ البطولة، هي البرازيل والأرجنتين وأورغواي وباراغواي وشيلي وبيرو، ونظمت هذه البطولة في بوينس أيريس عاصمة الأرجنتين، في الفترة من 27 كانون أول /ديسمبر عام 1936 وحتى الأول من شباط/ فبراير عام 1937.
وفازت الأرجنتين بالبطولة بعد تغلبها في المباراة النهائية على البرازيل بهدفين دون رد، ورغم إقامة مباراة نهائية إلا أن البطولة ظلت تدار بنظام الدوري من دور واحد.
وشهدت بطولة عام 1939 انضمام الإكوادور لعائلة المسابقة للمرة الأولى في تاريخها، إلا أن المشاركة الإكوادورية كانت على استحياء حيث حل المنتخب الإكوادوري في المركز الأخير في المسابقة دون أن يحرز أي نقاط.
وفي النسخة السابعة عشرة وصل عدد الدول المشاركة إلى سبع دول للمرة الأولى في تاريخ المسابقة، حيث اجتمعت كل الدول التي اشتركت من قبل للمرة الأولى في بطولة واحدة، الأوروغواي والأرجنتين والبرازيل والباراغواي وبيرو وشيلي والإكوادور.
واستضافة الأوروغواي البطولة وأحرزت لقبها بعدما حصلت على المركز الأول برصيد 12 نقطة، وقد حقق منتخب الأوروغواي المشارك في هذه البطولة رقماً قياسياً جديداً، حيث استطاع الفوز في كل مبارياته في البطولة، وجاءت الأرجنتين في المركز الثاني برصيد عشر نقاط تلتها البرازيل ثالثة برصيد سبع نقاط.
واستمرت بعد ذلك انطلاقة البطولة بنجاح وارتفع عدد المنتخبات المشاركة في بطولة عام 1947 حيث اشتركت كولومبيا للمرة الأولى في تاريخها لترفع عدد الدول المشاركة إلى ثماني دول، هي ( الأرجنتين – باراغواي – الأوروغواي – شيلي – بيرو – إكوادور – بوليفيا – كولومبيا)
ويمكن القول بحق إن بطولة عام 1947 والتي استضافتها الإكوادور كانت نقطة تحول هامة في تاريخ المسابقة، حيث شهدت إحراز رقم قياسي من الأهداف هو 102 هدف وأقيمت فيها 28 مباراة، وإضافة إلى هذين الرقمين القياسيين فإن هذه البطولة قدمت كرة قدم حقيقية ومنافسة حقيقية بين المنتخبات المشاركة وخرجت بالبطولة من الطور الاستعراضي الذي كان يصبغ أحداثها من قبل بسبب تفاوت المستوى بين الثلاث دول الكبيرة وهي الأوروغواي والأرجنتين والبرازيل وبقية المنتخبات.
وفي بطولة 1953 التي نظمت في بيرو بمشاركة سبعة منتخبات استطاعت باراغواي أن تكسر سيطرة المنتخبات الثلاثة الكبرى على ألقاب البطولة وهي الأوروغواي والأرجنتين والبرازيل، حيث حصلت باراغواي على المركز الأول تلتها البرازيل في المركز الثاني وقد حققت باراغواي إنجازاً كبيراً في هذه البطولة حيث تفوقت مرتيين متتاليتين على البرازيل في البطولة ، المرة الأولى كانت خلال لقاء الفريقين معاً في البطولة التي أقيمت بنظام الدوري من دور واحد وانتهت 2 – 1، والمرة الثانية كانت في المباراة النهائية بين صاحبي المركز الأول والثاني وانتهت 3 – 2 لصالح باراغواي.
تمر السنوات وتتوالى البطولات لنصل إلى بطولة هامه جداً في تاريخ المسابقة وهي بطولة عام 1975 حيث شهدت ثلاثة أحداث مهمه أولها أن الاسم الرسمي للبطولة تغير من بطولة منتخبات أمريكا الجنوبية (American National Teams ) إلى بطولة كوبا أمريكا (Copa America ).
أما الحدث الثاني فهو مشاركة عشرة منتخبات دفعة واحدة في البطولة وهو رقم قياسي هام في تاريخ المسابقة حيث إنها المرة الأولى التني يشترك فيها كل أعضاء اتحاد أمريكا الجنوبية في البطولة ( البرازيل – الأرجنتين – فينزويلا – بيرو – شيلي - بوليفيا – كولومبيا – باراغواي – إكوادور – الأوروغواي).
والحدث الثالث الذي وقع لأول مرة في تاريخ المسابقة، فهو حدث مرتبط بأسباب اقتصادية، حيث لم تشهد هذه البطولة إقامة دورة مجمعة في دولة واحدة، حيث رأي اتحاد أمريكا الجنوبية أن استضافة عشر دول دفعة واحدة يمثل عبئاً اقتصادياً كيراً على كاهل دول أمريكا الجنوبية، لذلك تقرر إقامة البطولة بنظام الذهاب والعودة بين الدول المشاركة، والتي تم تقسيمها إلى ثلاث مجموعات، ضمت المجموعة الأولى البرازيل والأرجنتين وفنزويلا، وضمت المجموعة الثانية بيرو وشيلي وبوليفيا والثالثة ضمت كولومبيا وباراغواي والإكوادور، وتم استثناء الأوروغواي حاملة اللقب من اللعب في الدور الأول.
ووصلت كولومبيا وبيرو إلى الدور النهائي الذي أقيم بنظام الذهاب والعودة وأحرزت بيرو لقب البطولة بعد فوزها بمجموع اللقاءين ( 2 – 1 ).
واستمر نظام مباريات الذهاب والعودة معمول به في المسابقة حيث تكرر في بطولة عام 1979 التي فازت بها باراغواي وبطولة 1983 التي أحرزت لقبها الأوروغواي.
ويبدو أن نظام الذهاب والإياب أثّر كثيراُ على شعبية البطولة وقوتها فقرر اتحاد أمريكا الجنوبية العودة للنظام الأول وهو إقامة البطولة في دولة واحدة، وبالفعل استضافت الأرجنتين بطولة عام 1987، وهنا يجب أن نلقي الضوء على الدور الهام الذي لعبته الأرجنتين في إقامة وتطوير هذه البطولة منذ نشأتها عام 1916 وحتى بطولة ، 1987 حيث إن هذه البطولة وهي رقم 33 في تاريخ المسابقة كانت البطولة الأولى التي تقام بالنظام المتعارف عليه في كل البطولات الكبرى حيث تم تقسيم الدول المشاركة إلى ثلاث مجموعات لعبت كل مجموعة دوري من دور واحد وتأهل أول وثاني المجموعة إلى الدور ربع النهائي، وقد تأهلت في النهاية الأوروغواي وشيلي إلى المباراة النهائية وأحرز منتخب الأوروغواي اللقب بعد فوزه على شيلي بهدف دون رد.
واستقر أخيراً الفاصل الزمني الذي يفصل بين البطولة والتي تليها حيث أصبحت البطولة تقام كل سنتين.
واستضافت شيلي بطولة 1991 ووقتها أصبحت البطولة لها أهميتها وأصبحت تصنّف على أنها ثالث أقوى البطولات العالمية بعد كأس العالم وكأس أمم أوروبا، وقد انعكس ذلك على تعامل الدول المضيفة مع البطولة فلأول مرة تنظم البطولة في أربع مدن مختلفة في شيلي، حيث أقيمت البطولة في سانتياغو العاصمة وكونثيباثيون وبابارايسو وفاليا ديل مار.
كمان أن الدول المشتركة قسمت إلى مجموعتين وذلك لضمان المنافسة والندية بين فرق المجموعة الواحدة ولزيادة التشويق في متابعة المباريات وضمت المجموعة الأولى كل من الأرجنتين وشيلي وباراغواي وبيرو وفنزويلا، بينما ضمت الثانية كولومبيا والبرازيل والأوروغواي والإكوادور وبوليفيا.
وتأهلت الأرجنتين وشيلي من المجموعة الأولى وكولومبيا والبرازيل من الثانية، وأقيمت دورة مجمعة بين الأربع دول لتفوز الأرجنتين بالمركز الأول وتأتي البرازيل في المركز الثاني.
وفي بطولة 1993 التي أقيمت في الإكوادور حدث تحول مفصلي آخر في البطولة حيث إنه ولأول مرة في تاريخ البطولة تتم دعوة المكسيك وأمريكا من أمريكا الشمالية للمشاركة في البطولة وهي دعوة حدثت لإثراء البطولة ولزيادة المنافسة ومن ثم رفع مستويات المنتخبات المشاركة وبالتالي رفع مستوى البطولة نفسها.
والشئ الجديد أن المكسيك أبلت بلاء حسناً في أول مشاركة لها ووصلت إلى المباراة النهائية في مفاجئة أذهلت الجميع وخسرت بصعوبة في النهائي أمام الأرجنتين 1 – 2 لتضيف الأرجنتين اللقب الرابع عشر إلى خزائنها.
ويبدو أن فكرة توسيع قاعدة المشاركة راقت لاتحاد أمريكا الجنوبية المنظم للبطولة، فقد تمت دعوة كوستاريكا وهندوراس للمشاركة في بطولة 1997، إلا أن أغرب دعوة وجهت على الإطلاق للمشاركة في كوبا أمريكا فقد كانت لمنتخب اليابان الآسيوي الذي شارك في البطولة للمرة الأولى والأخيرة في تاريخها في بطولة عام 1999 التي نظمت في الباراغواي وفازت البرازيل بلقبها.
وأخيراً تم زيادة الفاصل الزمني الذي يفصل بين بطولات كوبا أمريكا إلى ثلاث سنوات حيث أُقيمت آخر بطولة عام 2004 في بيرو وفازت بها البرازيل بعد تفوقها على الأرجنتين بضربات الترجيح 4 – 2 .
